من الممكن ان تجد طفلاً صغيراً إستطاعَ في عمره أن يحفظ كتاب الله عز وجل بمساعدةٍ من عائلته أو من يتقربه ، وأيضاً فتىً أحب الشعر في صغره فأصبح يحفظه ويحاول كتابته بطريقة تناسب سنه إلى أن يصل مرحلة النضج حتى يبدأ في تطوير أداءه بمساعدةٍ من مختصين شعراء، أو طفلا ًتميز عن غيره الأطفال بصوته الجميل في الغناء أو الإلقاء، كله هذه المواهب نستطيع أن نجدها .. لكن هنا يجب أن تقف عندما ترى فتاة لم تتجاوز السادس عشر من عمرها تحفظ القرأن الكريم كاملاً وترتله بالأحكام والتجويد وتحفظ الأشعار بأنواعها وتأليفها وأيضاً تلقيها بطريقة مؤثرة جداً تدمج الإحساس مع الشعر في أنٍ واحد مع أنغام صوتٍ لا مثيل له في الإلقاء، وإتقان اللغة الإنجليزية وتحدثها بطلاقة و أدخلتها الى مدوناتها الشعرية.. وهذه هي عَروب عبد الله السقا التي لم تبلغ بعد السادس عشر عاماً.
ربما إن جلست مع عَروب وسمعت طريقة إلقائها للأشعار ورئيت مواهبتها وقدراتها العقلية سوف تدهش كثيراً لهذا السن الصغير، فتبدأ بالتخيل كيف لهذه المواهب أن تتجمع في هذا العقل البشري الذي لم يتجاوز السادس عشر ربيعاً، فتدرك تماماً إنما هو إعجاز من عند الخالق الذي يأمر الشيء أن يكن ثم يكون.
جلست عَروب للتحدث عن مواهبها وهي ترتدي الثوب التراثي الفلسطيني، وتقول: إن أردت أن أتحدث عن موهبتي فإن لكل شخص موهبة تميزه عن غيره ، وإن موهبتي في إلقاء الشعر بدأت منذ الصغر وقتها كنت دائما أقرأ الكتب والأشعار والدواوين وكنت أحب المطالعة كثيراً وكانت لي محاولات عندها في الكتابة التي بدأتها بمحاولتي الاولى في كتابة خاطرة عن الحرية فرأتها المدرسة مندهشة مني وعبرت من خلالها عن مدى إعجابها بها من ثم بدأت بالتعمق بهذه الموهبة لأنميها، فأصبحت أكبت الشعر الموزون والمقفى لأرقى لدرجة الشاعرة الصغيرة، وعندما تابعتني المدرسة قالت لي (إني أرى خنساء فلسطين تولد من جديد)، وهذا شجعني وجعلي لي حافزاً للإستمرار في كتابة الشعر.
بدأت أتعمق من كل الإتجاهات من الشعر النبطي والشعر الحر والشعر المقفى وبدأت أن أسير في هذه المرحلة.
ساعات لحفظ كتاب الله وساعات للدراسة وساعات لكتابة الأشعار يوميا ً.
تتابع عَروب أنها كانت تخصص يومياً ساعات لحفظ القرأن والدراسة وكتابة الأشعار يومياً، وتقول: كانت كتابتي للشعر في وقت الفجر إذ كما يقولون (الملاك يكون هادئاَ) وهذا افضل وقت لكتابة الشعر، أما بخصوص حفظي للقرأن الكريم فكان في الصف السابع بمشروع الشفيع الذي أتممت خلال فترة المشروع حفظ القرأن كاملاً، من ثم إمتحنت به بحفظه أيضا بالتجويد وأحكام التلاوة والحمد لله حصلت على درجة الإمتياز في الدورة العليا المبتدأة، وهو ما ساعدني كثيراً في موهبتي لأن كلام الله معجز والقرأن بحر لا ساحل له ومن هنا بدأت أخذ المعاني ومن ثم صقل موهبتي في الابيات الشعرية.
كما نوهت أيضاً على أنها تسير بمشروع كتابة القصائد باللغة الإنجليزية لكي تصل رسالة الأشعار من معاناة الأطفال ومعاناة الحصار ومعاناة الفلسطينيين كاملاً لجميع أنحاء العالم، وتضيف: كتبت خاطرة أدخلت بها اللغة العربية والانجليزية والتركية والعبرية ليتم إرسال رسالة على اكمل وجه ليس فقط الدول العربية او الاسلامية بل كل الدول في العالم.
وشددت عَروب في حديثها على أن أطفال وشباب فلسطين هم جنود المستقبل تعمل في الحاضر، وقالت: اتمنى أن اصل إلى النجوم لأحلق بينها ليلمع إسمي كشاعرة بموهوبة ومثقفة ومتعلمة لتردد أشعاري كما فعل من سبقوني أمثال محمود درويش وإبراهيم طوقان وكما قال ديفنجي : (إنني اتعلم كيف اموت ولا أن كيف أحيا) وانا كذالك أتعلم كيف اخلد لنفسي ذاكرة ليتذكرني بها الأجيال من بعدي لتصبح أشعاري تكتب في كتب اللغة العربية بعد الانتصارات والمعارك والحروب، هكذا أطمح، واتمنى أن أصدر أول دواويني الشعرية قبل أن أصل عمري العشرون عام.
والدة عَروب التي كان لها الدور الفعال في إيصال إبنتها لهذه المكانة جلست بالقرب منها لتتحدث عن موهبة عَروب هي.، وتقول: من أن كانت في مرحلة الروضة وهي شديدة الملاحظة وتحفظ على شيء من حولها والاناشيد والاغاني وتحفظ دروسها بطريقة يوحي مدى ذكاء هذا السن الصغير، وإستمرت على هذا النهج تتوفق في كل مرحلة دراسية تحصد المراتب الأولى في مستواها الدراسي، حتى أن شاركت في المدرسة في مسابقة تاج المعرفة الثقافية وحصد على المرتبة الأولى على قطاع غزة من خلال دراسة ستين كتاب ثقافي وإلمام غالبية محتوياته في عقلها، وهنا قد زاد دعمنا لها لكي تميز نفسها كثيراً.
وتابعت: ما يمزها كثيراً عن غيرها الفتيات من سنها هو صوتها الجميل في إلقاء الأشعار وقراءة القرأن، لأنها تتمتع بخامة صوت رائعة جداً جداً، فعندما حضر وفد بريطاني بعد الحرب الأخيرة على غزة في أواخر عام 2012 قامت بإلقاء الأشعار من تأليفها أمامهم حتى أن بكوا من غير أن يفهموا معنى الأشعار لأن صوت عَروب قام بالتأثير عليهم، مما جعلهم يقدموا فائق التحية لها ولموهبتها العظيمة، ونحن لفخر لأسرتنا بإنجازات إبنتنا الوحيدة في هذا السن الصغير.
والنهاية تلخص عَروب رسالتها في جملة بسيطة .. " أنا لا أملك سلاحاً سوا القلم، قلمي يكتب ولساني ينطق .. وهذه هي عَروب".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق