ارتفعت حصيلة ضحايا الانفجار الذي وقع في منطقة الرويس بالضاحية الجنوبية لبيروت بعد ظهر اليوم إلى أكثر من 20 شهيداً و100 جريح نقلوا إلى مستشفيات المنطقة. كما تسبب الانفجار بأضرار مادية جسيمة في المباني السكنية والمحال التجارية والسيارات المركونة في الشارع المستهدف، وتلك التي كانت تمر في المكان لحظة وقوع الانفجار.
وبعد أقل من ساعة على وقوع الانفجار، بُثّ شريط فيديو على موقع « يوتيوب» قيل إن المسلحين الذين يظهرون فيه يعلنون مسؤوليتهم عن التفجير، علماً بأنهم لم يأتوا على ذكر التفجير مباشرة، بل تحدثوا عن «رسالة ثانية» إلى حزب الله، بعد « الرسالة الأولى». ويسمي المسلحون أنفسهم بـ«سرايا عائشة أم المؤمنين للمهام الخارجية ». ويمكن العثور على موقع يوتيوب على شريط فيديو آخر للمجموعة ذاتها تم بثه بعد تفجير الضاحية الأول.
وهذا هو الاستهداف الثاني للضاحية الجنوبية خلال 40 يوما بعدما كان انفجار مماثل وقع في بئر العبد في بداية شهر رمضان الفائت.
وأعلنت قيادة الجيش أن الانفجار ناجم عن سيارة مفخخة ما أدى الى وقوع عدد كبير من الاصابات في صفوف المواطنين واضرار مادية جسيمة في الممتلكات. ودعت القيادة المواطنين الى التجاوب الكامل مع الإجراءات التي تتخذها قوى الجيش، لتسهيل عمل الاجهزة المختصة واعمال الاغاثة، كما دعتهم الى الابلاغ عن أي معلومات متوافرة لديهم حول الحادث.
استنكار واسع للجريمة
وأثارت الجريمة موجة واسعة من الاستنكار. وأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الحداد الوطني اليوم، ودعا الى عقد اجتماع لمجلس الدفاع الأعلى. ووصف رئيس الجمهورية ميشال سليمان الانفجار بالجبان، مؤكدا أنّ « هذا الاسلوب الاجرامي يحمل بصمات الارهاب وإسرائيل لزعزعة الاستقرار وصمود اللبنانيين». واعتبر رئيس المجلس النيابي نبيه بري « أن يد الاجرام والارهاب هي من دون شك يد اسرائيلية سوداء»، لافتاً إلى « أن الجريمة لا تخدم الا العدو الاسرائيلي». ودعا اللبنانيين «إلى رفع منسوب الحذر لتفويف الفرصة على العدو الذي يتربص بنا شراً».
وشدد رئيس الحكومة المكلف تمام سلام على أن الرد على الانفجار يكون بالتعالي على الجراح والتأكيد على الوحدة الوطنية لتحقيق المصلحة الوطنية وإجهاض المخطط الخبيث الذي يرمي إلى أذية اللبنانيين وزرع الفرقة بينهم.
وأكد رئيس حزب الكتائب أمين الجميل أن «ما يجري في الضاحية يصيب كل لبنان، لذلك على القوة الامنية كشف خيوط هذه الانفجارات حتى لا تتكرر، ولكي يعلم المجرم أنه لن يهرب من قبضة العدالة ». ولفت إلى أن «هذا الحدث يجب ان يكون رسالة لكل الاحزاب واللبنانيين بأن لا احد محصن في البلد في ظل التشرذم والسجالات العقيمة التي تعطل المؤسسات خصوصاً الامنية». ودعا إلى تأليف حكومة جامعة مقدماً التعازي إلى حزب الله.
بدوره، اعتبر رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط أنّ «الضاحية استهدفت في يوم التضحيات الهائلة لجميع اللبنانيّين في مواجهة إسرائيل في العام 2006» ، متهما اسرائيل بالتفجير . وأشار الى أنّ «علينا أن ننأى بأنفسنا عمّا يحصل في الخارج وننكبّ على تأليف حكومة وحدة وطنيّة إذا أمكن ».
ورأى «أنّ الخرق الأمني للضاحية غير مستغرب وما من أحد يمكنه حماية نفسه من مثل هذا الخرق»، مقترحاً إنشاء غرفة أمنيّة للتنسيق بين القوى الأمنيّة وحزب الله. وأكد أنّ « أصابع الاتهام توجّه في الطليعة الى إسرائيل المستفيدة الاولى ممّا يحصل ». وشدد على أن «الحوار لم ينقطع مع حزب الله ولكن نتمنى ان يتوج بحكومة وحدة وطنية».
ولفت الرئيس سعد الحريري إلى أن «هذه الجريمة المروعة التي أرادت النيل من المواطنين الأبرياء في الضاحية الجنوبية، هي حلقة في مسلسل إرهابي خبيث يرمي الى إضرام نار الفتنة والشر في كل أرجاء لبنان، وضرب مقومات هذا البلد الذي يجاهد للابتعاد عن الحرائق المحيطة ». وأشار إلى أن « اللبنانيين بكل أطيافهم الروحية والسياسية لا يمكن إلا ان يدينوا هذه الجريمة الإرهابية بأشد العبارات وأن يعبّروا عن تضامنهم مع أهلهم من أبناء الضاحية، لاسيما مع اهالي الشهداء والضحايا والمتضررين، في مواجهة أية مخططات تستهدف أمنهم وكرامتهم وتعمل على استدراج لبنان الى هاوية الفتنة والاقتتال الأهلي من جديد».
ودعا الجميع «إلى التحلي بالحكمة وضبط النفس وعدم الانجرار الى ما يريده أعداء لبنان، الذين يتحيّنون الفرص لوقوعنا في شرك الفتنة والقضاء على البقية المتبقية من وحدة الدولة واستقرارها ».
وأشار رئيس كتلة «المستقبل » النائب فؤاد السنيورة إلى أننا « في هذه اللحظات نشعر بالغضب والحزن والاسف والتضامن الكامل مع عائلات الشهداء والجرحى واهلنا في الضاحية الجنوبية الذين يتعرضون للارهاب والاستهداف من يد الاجرام». وأضاف: «اننا في هذه اللحظات الاليمة نقف وقفة رجل واحد في مواجهة المجرمين الى جانب الابرياء والمدنيين العزل من اهلنا في الضاحية».
واعتبر رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون أنّ من ارتكبوا انفجار الضاحية ليسوا بشرا إنما حيوانات متحركة بأشكال بشرية. وأشار إلى أنه لا يستطيع أن يبرئ أحدا ولا أن يتهم أحدا بالوقوف وراء الانفجار، لافتا إلى أنّ جميع الأفرقاء مسؤولون اليوم عن الخطاب المتطرف الذي يجب أن يُلغى من الخطاب السياسي.
وتمنى أن يكون انفجار اليوم خاتمة هذه الأعمال، داعيا للكف عن الخطابات المتطرفة والعودة للوطنية. وأكد وجود رابط بين انفجار اليوم وتوقيته في ذكرى انتصار المقاومة على إسرائيل في حرب تموز، ولم يستبعد حصول أي تفجير في منطقة سنية لزرع الفتنة. وشدّد على أهمية مكافحة مخطط الفتنة من قبل جميع اللبنانيين وعدم التفاعل معها، داعيا الجميع للتحول إلى مراقبين وحرس حتى يضبطوا هذا الوضع .
وشجب رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية «الانفجار الارهابي الذي استهدف الضاحية الجنوبية في يوم الانتصار»، مؤكداً «ان مثل هذه الاعمال تزيد المقاومة وجمهورها وحلفاءها في لبنان والمنطقة اصرارا وتمسكا وتماسكا».
وأكد وزير الطاقة والمياه جبران باسيل أنه «يمكن التعويض عن انفجار الضاحية بانتصارات متتالية أخرى للمقاومة». واعتبر أن الانفجار «ضربة اسرائيلية وجهت اليها من الداخل»، متهماً من يريدون ابعاد حزب الله عن الحكومة بانهم وراء التفجير.
وطالب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الأجهزة الأمنية والقضائية الرسمية باتخاذ التدابير اللازمة لكشف المجرمين الذين يقفون وراء التفجير وسوقهم للعدالة، ورأى «أن استهداف أي منطقة في البلد هو استهداف لكل لبنان».
وشدد جعجع على انه «لا اسقرار ولا أمن فعليين من دون قيام دولة فعلية في لبنان تمارس وحدها بأجهزتها العسكرية والأمنية الشرعية سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية».
ورأى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، ان هذا «التفجير الارهابي يخدم المشروع الصهيوني في استهداف الضاحية الجنوبية وعنفوان ابنائها المقاومين، والتي انتصرت على العدوان الصهيوني اذ يحمل هذا التفجير بصمات ارهابية تخدم اسرائيل في اهدافها ومخططاتها».
وشدد وزير الدفاع فايز غصن على عدم إمكانية ضرب المقاومة، مشيرا إلى أنّ الضاحية هي موقع للسلم الأهلي ومقصد لجميع الفئات اللبنانية . وأطلق صرخة مدوية، داعيا هؤلاء « المجانين» إلى الكف عن اللعب بدماء الأبرياء.
ورأى وزير الصحة علي حسن خليل ان هذا العمل يتطلب وقفة مسؤولة لقطع الطريق على محاولات ادخال لبنان في اتون النار.
واعتبر وزير العمل سليم جريصاتي «ان على الدولة أن تكف عن أي حسابات خاطئة مع المقاومة» ، مشيرا إلى «أنّ نسيجنا الوطني اليوم مستهدف عبر استهداف المقاومة ».
وشدّد على ضرورة التفاف الجميع حول المقاومة، مؤكدا رفض الذهاب للفتنة «التي يستدرجنا إليها أعداؤنا ».
وتوقع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان «أن تزيد هذه الظواهر نتيجة التحريض الطائفي المذهبي البغيض الذي جعل من البعض مجموعة هستيرية يودّون النيل من كل ما تمثله المقاومة وحلفاء المقاومة وتأثيرها المباشر».
ورأى عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي أن «انفجار الضاحية يستهدف كل لبناني وكل المناطق، ويؤكد أن البلد مكشوف أمنيا لذلك على الجميع التكاتف لمنع وقوع مثل هذه الانفجارات»، لافتا الى وجود «يد خفية تريد التسلل الى لبنان مستغلة الانقسام الحاد الذي يشهده لبنان، من هنا يجب طي صفحة التجاذبات و الانقسامات».
وأكّد عضو كتلة «المستقبل » النائب هادي حبيش أن « انفجار الضاحية ياتي ضمن سلسلة من الانفجارات التي تستهدف لبنان منذ فترة »، مشددا على «ضرورة دعم الاجهزة الامنية وتسليمها السلاح كخيار اول، ومن ثم تشكيل حكومة لكي نحمي لبنان من الوقوع في انحدار اكبر ».
واعتبر عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب الان عون ان «هذا الانفجار يأتي نتيجة إنهيار منطق النأي بالنفس »، لافتا الى انها « محاولة لتحويل لبنان الى ساحة للصراع الاقليمي». وأكد أننا « كلنا معنيون بإنفجار الضاحية ونحن جميعا مستهدفون وما حصل في الضاحية قد ينتقل الى كل لبنان».
وأكد عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب ناجي غاريوس، أن « الانفجارات التي تستهدف منطقة الضاحية يبدو انها ممنهجة، وتستهدف المناطق المقتظة بالسكان ، كما أن انفجار اليوم قد يعيد لبنان 20 عاما الى الوراء».
وطالب غاريوس «القوى الامنية بضرورة الوصول لخيوط لمثل هذه الانفجارات لحيلولة دون تكرارها » .
وقال النائب السابق لرئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي :«لا شك أن هذه الضاحية هي عاصمة المقاومة وكانت دائما مستهدفة وبصرف النظر عن الجهة التي اقدمت على هذا العمل فالمستهدف بشكل رئيسي البيئة الحاضنة للمقاومة والرد الحقيقي على هذا التصرف بالمزيد من الصمود».
وحمل المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد قوى 14 آذار مسؤولية سياسية ومعنوية عن خلق بيئة لمثل هذه الأعمال من خلال التحريض الطائفي .
و اعتبر أنّ هناك مسؤولية مباشرة يتحمّلها الرئيس السنيورة والنائب بهية الحريري في موجة الصواريخ والانفجارات التي حصلت، لافتا إلى أنها كلها حصلت بعد أحداث عبرا ولا علاقة لها بسوريا، رابطا هذه الأمور بمناخ أوجده كل من السنيورة والحريري بعد أحداث عبرا .
ودعا السيد السنيورة والحريري لمعالجة ما تبقى من ذيول تلك الظاهرة، مطالبا أهل مخيم عين الحلوة باللتعاون مع الجيش اللبناني لتسليم العناصر المخلة بالأمن.
واعتبر الحزب السوري القومي الاجتماعي «أن هذا التفجير الإرهابي الدموي الذي حصل بالتزامن مع ذكرى انتصار المقاومة في حرب تموز 2006 ، هو إرهاب صهيوني بامتياز جرى تنفيذه بواسطة أدوات هذا العدو المجرم، سواء أكانوا عملاء أو مجموعات إرهابية متطرفة"، محمّلا الدول والقوى التي تحرض على المقاومة المسؤولية المباشرة عن الارهاب الذي يستهدف لبنان والمنطقة.
ودانت السفير الاميركية مورا كونيللي بشدة التفجير وجددت ادانة اي عنف في لبنان داعية الفرقاء كافة الى ضبط النفس.
ودان وزير الاعلام السوري عمران الزعبي بشدة العمل الارهابي في الضاحية الجنوبية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق